سقوط مدوٍّ لأسهم العلامات التجارية الفاخرة عالميًا بسبب الخصومات الصينية وكشف الأسعار
شهدت أسهم أبرز الشركات العالمية المتخصصة في المنتجات الفاخرة تراجعًا حادًا خلال الأسبوع الماضي، وذلك نتيجة سلسلة من التطورات المفاجئة في السوق الصيني — أهمها الخصومات غير المسبوقة التي طُبقت على منصات البيع الإلكتروني، وانتشار فيديوهات صادمة تُظهر الأسعار الحقيقية لهذه السلع مقارنة بما يدفعه المستهلكون في الغرب.
$28000 Birkins bag can be bought from China by the same factory at $1000 (sans logo)
Chinese suppliers have flooded American TikTok with cost breakdown of luxury products from Gucci, LV, Hermes & the 3000-5000% markups of brands pic.twitter.com/f8gIPEjeJQ
— Ayoosh (@ayooshveda) April 14, 2025
🔻 الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض الحاد في أسهم العلامات الفاخرة:
1. خصومات غير مسبوقة في السوق الصيني
في خطوة مفاجئة تهزّ قواعد تسويق الفخامة، بدأت العديد من العلامات التجارية الفاخرة بطرح منتجاتها بأسعار منخفضة على منصات التجارة الإلكترونية في الصين مثل Tmall و JD.com.
الخصومات وصلت في بعض الحالات إلى 50%، وهو أمر نادر الحدوث في هذا القطاع الذي يقوم أساسًا على الحفاظ على صورة “الندرة والتميز”.
أغلب هذه الخصومات لم تكن نتيجة حملات تسويقية مخطط لها، بل جاءت كرد فعل على تباطؤ الطلب الصيني وتراكم المخزون بعد تراجع شهية المستهلك المحلي.
في عالم الفخامة، أي إشارة إلى “التخفيض” تعتبر إضرارًا مباشرًا بالقيمة الرمزية للمنتج، ولهذا السبب كان وقع هذه التخفيضات عنيفًا في الأسواق المالية.
2. انتشار فيديوهات تكشف الأسعار الحقيقية للمستهلكين في الغرب
بالتوازي مع هذه الخصومات، انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صادمة لتجار تجزئة صينيين يوجهون حديثهم للمستهلكين الأميركيين، كاشفين عن الفروقات الصارخة بين الأسعار التي تُباع بها المنتجات الفاخرة في الصين وبين الأسعار الرسمية في أوروبا والولايات المتحدة.
مثال: حقيبة “Dior Book Tote” تُباع في الولايات المتحدة بحوالي 3,800 دولار، في حين عُرضت في الصين بعد التخفيضات بأقل من 2,000 دولار.
هذه الفيديوهات أحدثت زلزالًا في ثقة المستهلك، خصوصًا في الأسواق الغربية، حيث بدأ المستهلكون يشعرون بأنهم يُستَغلّون من طرف هذه الشركات التي تفرض “أقساط مكانة” لا علاقة لها بالقيمة الفعلية للمنتج.
3. انهيار نموذج “الاتفاقات غير الرسمية حول التسعير”
لطالما اعتمدت العلامات الفاخرة على تفاهم غير مكتوب بين الأسواق الكبرى مثل الصين، أوروبا، والولايات المتحدة للحفاظ على توازن سعري معيّن، وضمان أن المنتجات تُباع بأسعار متقاربة عالميًا.
لكن التطورات الأخيرة — خصوصًا بعد تخلي الصين عن ما يشبه “التفاهم الضمني” بعدم تقديم تخفيضات علنية — أدت إلى انهيار هذا النموذج، مما خلق حالة من الفوضى في تسعير المنتجات الفاخرة عالميًا.
4. تباطؤ الاقتصاد الصيني وتأثيره على سوق الفخامة
الصين كانت تمثل أكثر من 40% من نمو سوق الفخامة العالمي في العقد الأخير.
لكن مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانخفاض ثقة المستهلك، أصبحت الطبقة المتوسطة والعليا في الصين أكثر حذرًا في الإنفاق — حتى على السلع التي كانت تُعتبر “ضروريات مكانة اجتماعية” مثل الحقائب والساعات الفاخرة.
5. توترات جيوسياسية وعدم يقين عالمي
الأزمات الجيوسياسية، خصوصًا التوترات بين الصين والولايات المتحدة، أدت إلى تراجع في شهية المستثمرين تجاه الشركات المعتمدة على السوق الصيني.
كما أن التباطؤ في الأسواق الأوروبية والركود التقني في الولايات المتحدة ساهما في خلق بيئة غير مواتية لنمو قطاع الفخامة على المدى القريب.
📉 أكثر 10 علامات تجارية تأثرًا هذا الأسبوع:
الشركة | العلامات التابعة | ||
---|---|---|---|
LVMH | Louis Vuitton, Dior, Tiffany & Co. | -8% | |
Kering | Gucci, Balenciaga, Saint Laurent | -14% (في يوم واحد) | |
Prada | Prada, Miu Miu | -6% | |
Burberry | Burberry | -15% | |
Richemont | Cartier, Montblanc, Piaget | -3% | – |
Hermès | Hermès | +2% هذا العام (استثناء) | – |
Brunello Cucinelli | – | -5.5% | – |
Swatch Group | Omega, Longines, Tissot | -2% | – |
Moncler | Moncler | -2% | – |
Salvatore Ferragamo | Ferragamo | -2% | – |
حملة إلكترونية تكشف المستور
خلال الأيام الماضية، غصّت منصة “تيك توك” الصينية بمقاطع فيديو مثيرة للجدل، سلطت الضوء على الفجوة الصادمة بين أسعار المنتجات الفاخرة في الأسواق العالمية وتكاليف إنتاجها الفعلية داخل المصانع الصينية. الحملة، التي انطلقت بشكل عفوي من طرف عدد من المستخدمين، كشفت أن العديد من هذه المنتجات – من الحقائب والأحذية إلى الإكسسوارات – تُصنع بالكامل في الصين، بنفس الأيدي العاملة والمواد المحلية، قبل أن تُعاد تصديرها إلى الغرب، حيث يُضاف إليها شعار العلامة التجارية وتُباع بأسعار فلكية.
من أبرز الأمثلة التي أثارت جدلًا واسعًا، كانت حقيبة يد من “هيرميس” يُقال إن سعرها في السوق قد يصل إلى 250 ألف دولار، ولا يُسمح بالحصول عليها إلا لمن أنفق ما لا يقل عن مليون دولار مسبقًا لدى العلامة نفسها. في المقابل، أظهرت المقاطع أن تكلفة تصنيع نفس الحقيبة في الصين لا تتجاوز 1,375 دولارًا، بل وأفاد البعض بإمكانية الحصول عليها مباشرة من المصنع بأقل من 1,000 دولار.
الحملة لم تقتصر على الحقائب فقط. تم التطرق كذلك إلى منتجات مثل حذاء رياضي من “جوردان” يُباع مقابل 25,000 دولار، رغم أن تكلفته التصنيعية لا تتجاوز 50 دولارًا. وكذلك شباشب بلاستيكية من “غوتشي” تُسعّر بـ 400 دولار، بينما تظهر المقاطع أن كلفتها الحقيقية لا تتجاوز 0.75 دولار.
الأكثر إثارة في هذا السياق، هو أن الهامش الربحي لبعض هذه الشركات قد يصل إلى 5000%، مما يعكس مدى التركيز على “القيمة الرمزية” للعلامة أكثر من القيمة الفعلية للمنتج.
وقد لاقت هذه الحملة تفاعلًا واسعًا داخل الصين وخارجها، إذ اعتبرها البعض خطوة نحو توعية المستهلكين وكشف حقيقة ما يدفعون مقابله، بينما رأى آخرون فيها تهديدًا مباشرًا لسمعة ومكانة العلامات التجارية الفاخرة على مستوى العالم. في الوقت نفسه، أشارت بعض التقارير إلى أن شركات كبرى مثل مجموعة LVMH بدأت في إجراء محادثات مع إدارة “تيك توك” للحد من انتشار هذا النوع من المحتوى، في محاولة لحماية صورة العلامات التابعة لها مثل “لويس فويتون” و”ديور”.
قلق بين جامعي السلع الفاخرة
الهبوط المفاجئ في قيمة أسهم العلامات الفاخرة أثار موجة من القلق بين جامعي هذه السلع، خصوصًا أولئك الذين اعتادوا اعتبارها بمثابة “مخزن للقيمة” طويل الأمد، تمامًا كما تُعامل بعض الأصول الفاخرة مثل الساعات النادرة أو الحقائب المحدودة الإصدار. ومع انتشار الفيديوهات التي تكشف الفروقات الهائلة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع، بدأ بعضهم يعيد النظر في فكرة الاحتفاظ بهذه السلع كاستثمار مضمون، خوفًا من تراجع الطلب أو فقدان “الهالة الرمزية” التي كانت تبرر قيمتها السوقية.
📌 خلاصة:
ما يحدث اليوم في سوق الفخامة العالمية ليس مجرد “تصحيح مؤقت”، بل قد يكون بداية لتحول استراتيجي كبير في الطريقة التي تُدار بها العلامات الفاخرة، خصوصًا في علاقتها مع السوق الصيني وسلوك المستهلك الرقمي الجديد.
الخصومات في الصين، وشفافية الأسعار على السوشيال ميديا، وتباطؤ الاقتصاد، كلها عوامل تتحدى أحد أعرق قطاعات الاقتصاد العالمي: الرفاهية.
🧾 المراجع:
-
“الخصومات غير المسبوقة للعلامات الفاخرة في الصين”
تناولت هذه المقالة تقديم العلامات الفاخرة لخصومات تصل إلى 50% في الصين، في محاولة للتخلص من المخزون غير المباع وجذب المستهلكين الحذرين في ظل تباطؤ الاقتصاد.
المصدر: PYMNTS -
“فيديوهات TikTok تكشف الأسعار الحقيقية للسلع الفاخرة”
تناولت هذه المقالة انتشار مقاطع فيديو على TikTok تُظهر منتجات فاخرة بأسعار منخفضة، مما أثر على ثقة المستهلكين، خاصة في الولايات المتحدة.
المصدر: The Verge -
“تغير سلوك المستهلكين الصينيين تجاه السلع الفاخرة”
تناولت هذه المقالة التحول في سلوك المستهلكين الصينيين، حيث أصبحوا أكثر حساسية للأسعار، مما دفع العلامات الفاخرة إلى تقديم منتجات بأسعار أكثر تنافسية.
المصدر: Consultancy Asia -
“الشفافية الجذرية وتأثيرها على صناعة الأزياء”
تناولت هذه المقالة كيف أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أزالت الحواجز التقليدية، مما جعل من الصعب على العلامات الفاخرة التحكم في رسائلها التسويقية.
المصدر: McKinsey -
“تراجع مبيعات LVMH بسبب تباطؤ الطلب في الصين”
تناولت هذه المقالة انخفاض مبيعات LVMH في الربع الأول من عام 2025، مع تراجع الطلب في الصين والولايات المتحدة، مما أثر على أداء الأسهم.
المصدر: The Wall Street Journal -
“تأثير الحرب التجارية على صناعة الفخامة الأوروبية”
تناولت هذه المقالة كيف أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أدت إلى تراجع في أسهم العلامات الفاخرة الأوروبية، مع انخفاض في توقعات النمو.
المصدر: Reuters