تأثير ترامب وماسك: كيف يشكلان الأسواق المالية وسوق العملات الرقمية؟
مقدمة: قوتان تهزان الأسواق
في عالم الاقتصاد والاستثمار، قليلون هم من يمتلكون القدرة على تحريك الأسواق بكلمة أو قرار. دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، وإيلون ماسك، الملياردير ورائد التكنولوجيا، يمثلان قوتين مختلفتين لكنهما متكاملتان في تأثيرهما على الأسواق المالية وسوق العملات الرقمية. مع عودة ترامب إلى السلطة في 2025، واستمرار ماسك في لعب دور محوري في عالم التشفير، يتساءل المستثمرون: هل نحن أمام ازدهار أم انهيار؟ في هذا المقال، نستعرض كيف يؤثر هذان الرجلان على الاقتصاد العالمي، مع أدلة وأرقام توضح الصورة.

تأثير ترامب: السحر الاقتصادي في السياسات
ترامب ليس غريبًا عن تحريك الأسواق. خلال ولايته الأولى (2017-2021)، أدت سياساته مثل تخفيض الضرائب وفرض الرسوم الجمركية إلى تقلبات كبيرة في وول ستريت. اليوم، في مارس 2025، يبدو أن “تأثير ترامب” عاد بقوة. على سبيل المثال، بعد إعلانه في فبراير 2025 عن رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، تراجع البيزو المكسيكي بنسبة 2.5% خلال أسبوع، بينما قفزت أسهم الشركات الأمريكية المحلية مثل “تيسلا” بنسبة 4% بسبب توقعات زيادة الإنتاج المحلي.
دليل رقمي: وفقًا لتقرير حديث من بنك جي بي مورجان (فبراير 2025)، فإن 10% فقط من منشورات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي منذ عودته أثرت بشكل مباشر على سوق العملات، لكن هذه النسبة كانت كافية لتحريك أكثر من 20 مليار دولار في التداولات خلال أسبوع واحد. هذا يظهر أن تأثيره قد يقل عن ذروته في 2018-2019، لكنه لا يزال قويًا.
تأثير ماسك: فوضى التشفير المحسوبة
إذا كان ترامب يحرك الأسواق التقليدية، فإن إيلون ماسك هو سيد سوق العملات الرقمية. بتغريدة واحدة، يمكن لماسك أن يرفع أو يهبط قيمة عملة مثل “دوجكوين”. في يناير 2025، عندما تجاوزت البيتكوين حاجز 100,000 دولار، ارتفعت “دوجكوين” بنسبة 168% في غضون شهر، مدفوعة بدعم ماسك العلني لها عبر منصة X. بحلول مارس 2025، بلغت القيمة السوقية لـ”دوجكوين” 56 مليار دولار، مما جعلها سابع أكبر عملة مشفرة.
دليل رقمي: وفقًا لـ”كوين ديسك”، فإن عملات الميم (مثل دوجكوين) التي يدعمها ماسك تشكل الآن 11.2% من إجمالي سوق التشفير (باستثناء البيتكوين والإيثريوم)، بقيمة إجمالية تقارب 140 مليار دولار. هذا الارتفاع يعكس “تأثير ماسك” في خلق طفرات قصيرة الأجل، لكنه يثير تساؤلات حول الاستدامة.
التفاعل بين الاثنين: ازدهار أم انهيار؟

ما يجعل هذه الفترة فريدة هو التفاعل بين ترامب وماسك. ترامب، بدعمه المعلن للعملات المشفرة، أعلن في مارس 2025 عن إنشاء “احتياطي استراتيجي للعملات الرقمية” يضم خمس عملات، مما دفع البيتكوين لتسجيل 109,071 دولار قبل أن تتراجع إلى 105,000 دولار. في الوقت نفسه، يعزز ماسك هذا الزخم بترويج عملاته المفضلة، مما يخلق موجة مضاربة غير مسبوقة.
دليل رقمي: بعد إعلان ترامب، ارتفعت القيمة السوقية للعملات المشفرة بنسبة 15% خلال 48 ساعة، وفقًا لـ”الجزيرة نت” (مارس 2025). لكن التقلبات تبقى عالية، حيث شهدت “إيثريوم” انخفاضًا بنسبة 11% إلى 2,695 دولار بعد تصفيات بقيمة مليارات الدولارات في فبراير 2025، حسب “إرم بزنس”.
المخاطر والتحديات: هل نحن على حافة الهاوية؟
رغم التفاؤل، هناك مخاطر واضحة. سياسات ترامب الجمركية قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يضر بالأسواق التقليدية والرقمية على حد سواء. أما ماسك، فإن اعتماده على عملات الميم يثير مخاوف من فقاعة محتملة. على سبيل المثال، عملة “ترامب $” التي أطلقها ترامب بدعم من ماسك وصلت إلى 15 مليار دولار في يناير 2025، لكنها تعتمد على الدعاية أكثر من القيمة الجوهرية.
دليل رقمي: تقرير “إيكونوميست” (يناير 2025) حذر من أن هوس العملات المشفرة قد يؤدي إلى خسائر كبيرة إذا انهارت ثقة المستثمرين، مشيرًا إلى أن 60% من حاملي عملات الميم هم مضاربون قصير الأجل.
الخلاصة: مستقبل غامض لكنه مثير
تأثير ترامب وماسك يعكس حقبة جديدة من التقلبات والفرص. ترامب يعيد تشكيل الأسواق التقليدية بسياساته، بينما يقود ماسك ثورة التشفير بأفكاره الجريئة. لكن السؤال يبقى: هل سيؤدي هذا الثنائي إلى ازدهار مستدام أم انهيار مدوٍ؟ كمستثمر، قد يكون الحل في الموازنة بين المخاطرة والحذر، مع متابعة دقيقة لكل خطوة يتخذها هذان العملاقان.