كشفت Synthesia، الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي المدعومة من Nvidia، النقاب عن جيل جديد من الشخصيات الافتراضية التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تتمتع بقدرة فريدة على التعبير عن المشاعر البشرية بدقة عالية باستخدام مدخلات نصية بسيطة.
تُعرف هذه الشخصيات المبتكرة باسم “الشخصيات التعبيرية” وتُمثل نقلة نوعية في عالم التفاعل الرقمي، حيث تُتيح إمكانية التواصل والتفاعل مع شخصيات افتراضية تُظهر مشاعر واقعية تتناغم مع سياق الحوار، مما يُضفي على التفاعلات الرقمية لمسة من الإنسانية ويُعزز من جاذبيتها.
تُقدم “الشخصيات التعبيرية” حلاً ثوريًا يُغني عن الحاجة إلى الكاميرات والميكروفونات والممثلين المُحترفين، ويُقلل بشكل كبير من تكاليف الإنتاج في مجال الفيديوهات الاحترافية والعروض التقديمية.
أثبتت Synthesia فعالية تقنيتها من خلال عرض توضيحي يُظهر استجابة شخصية افتراضية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لمجموعة من الجمل النصية التي تُعبّر عن مشاعر مختلفة مثل “أنا سعيد” و “أنا حزين” و “أنا مستاء”. حيث تمكنت الشخصية الافتراضية من قراءة كل جملة بنبرة صوتية تُجسّد المشاعر المذكورة بدقة عالية.
تُعد Synthesia خيارًا مثاليًا لأكثر من 55 ألف شركة حول العالم، بما في ذلك نصف شركات Fortune 100، حيث تُستخدم تقنيتها في إنشاء شخصيات افتراضية مُقنعة للعروض التقديمية للشركات وفيديوهات التدريب.
تأسست Synthesia عام 2017، وحققت نجاحًا ماليًا هائلاً من خلال جمع 90 مليون دولار من المستثمرين العام الماضي، مما أدى إلى حصولها على لقب “يونيكورن” المُخصص للشركات الناشئة ذات القيمة السوقية المرتفعة.
تُدرك Synthesia المخاوف المُتعلقة بإمكانية استخدام تقنيتها لإنشاء محتوى إخباري مُزيف، وتُؤكد على التزامها بضمان الاستخدام المسؤول لمنصتها.
تُطالب Synthesia جميع عملائها الجدد بالخضوع لعملية “اعرف عميلك” (KYC) المُستخدمة في القطاع المصرفي، وذلك كإجراء وقائي لمنع الجهات الفاعلة السيئة من إنشاء حسابات وهمية لنشر معلومات مضللة.
تُعزز Synthesia جهودها من خلال المشاركة في ائتلاف “أصالة المحتوى والتحقق منه” الذي يضم شركات الذكاء الاصطناعي التي تسعى إلى تنفيذ شهادات المحتوى و”الترميز المائي” الرقمي للمحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
تهدف هذه المبادرات إلى ضمان تمييز المحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي عن المحتوى البشري، وتعزيز الشفافية والثقة في عالم التفاعلات الرقمية.
تُؤكد Synthesia التزامها بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، مع التركيز على ضمان استخدامها لخدمة البشرية وتعزيز التواصل والتفاعل الإيجابي في عالمنا الرقمي.
تأثير عاطفي: كيف تمنح Synthesia الشخصيات الافتراضية المشاعر؟
تكمن قوة “الشخصيات التعبيرية” في نموذج الذكاء الاصطناعي المسمى EXPRESS-1 الذي طورته شركة Synthesia. يعمل هذا النموذج على تحليل النصوص المدخلة وفهم السياق العاطفي الكامن وراءها. على سبيل المثال، عند تزويد الشخصية الافتراضية بجملة مثل “أنا سعيد بفوز فريقي المفضل”، فإن EXPRESS-1 سيتمكن من استنباط المشاعر الإيجابية الكامنة وراء الجملة، وبالتالي ستقوم الشخصية الافتراضية بقراءة النص بنبرة صوتية تُظهر الفرح والبهجة.
لا يقتصر تأثير EXPRESS-1 على الصوت فحسب، بل يمتد ليشمل تعابير الوجه ولغة الجسد أيضًا. حيث ستقوم الشخصية الابتسامة وتتحرك بطريقة تعكس مشاعر السعادة المرتبطة بالنص.
يجدر الإشارة إلى أن Synthesia قامت بتدريب نموذج EXPRESS-1 على كميات هائلة من البيانات التي تتضمن مقاطع فيديو لممثلين حقيقيين يعبرون عن مشاعر مختلفة. من خلال تحليل هذه البيانات، تمكن النموذج من فهم العلاقة المعقدة بين الكلمات والمشاعر، وكيفية ترجمتها إلى تعابير لفظية وغير لفظية.
إحداث ثورة في صناعة المحتوى الرقمي: تطبيقات الشخصيات التعبيرية
تتيح تقنية Synthesia الجديدة للشخصيات الافتراضية تجاوز كونها مجرد وجوه جميلة على الشاشة. حيث ستضفي عليهم القدرة على التواصل والتفاعل بطريقة أكثر واقعية وجذابة مع المستخدمين. ومن المتوقع أن يكون لهذه التقنية تأثير كبير على العديد من المجالات، بما في ذلك:
-
عروض تقديمية تفاعلية: يمكن للشركات والمؤسسات الاستفادة من الشخصيات التعبيرية لإنشاء عروض تقديمية أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام. حيث يمكن لهذه الشخصيات تقديم المعلومات بطريقة شيقة ومُلفتة للانتباه، مع القدرة على التكيف مع الجمهور والتفاعل معه من خلال التعبير عن مشاعر مناسبة للموضوع المطروح.
-
فيديوهات تعليمية مُبتكرة: يمكن استخدام الشخصيات التعبيرية لإنشاء مواد تعليمية أكثر فاعلية. حيث يمكن لهذه الشخصيات شرح المفاهيم المعقدة بطريقة سهلة وبسيطة، مع القدرة على التعبير عن التعاطف والتشجيع للمتعلمين، مما يُساهم في تعزيز العملية التعليمية.
-
خدمة عملاء ذكية: يمكن للشركات استخدام الشخصيات التعبيرية لتقديم خدمة عملاء أكثر فاعلية. حيث يمكن لهذه الشخصيات الإجابة على الأسئلة الشائعة وحل المشكلات البسيطة، مع القدرة على التعامل مع العملاء بطريقة ودودة ومتعاطفة.
-
صناعة الترفيه والألعاب: يمكن الاستفادة من الشخصيات التعبيرية لإنشاء ألعاب وأنشطة تفاعلية أكثر جاذبية. حيث يمكن لهذه الشخصيات أن تتفاعل مع اللاعبين والتوجيه والإرشاد بطريقة مُمتعة ومحفزة.
ثورة Synthesia في عالم التفاعلات الرقمية
تُمثل تقنية Synthesia الجديدة نقلة نوعية في عالم التفاعلات الرقمية، حيث تُقدم إمكانيات هائلة لتعزيز الواقعية والمشاركة في هذا الفضاء الافتراضي.
من خلال منح الشخصيات الافتراضية القدرة على التعبير عن المشاعر البشرية، تُتيح Synthesia إمكانية خلق تجارب تفاعلية أكثر جاذبية وفعالية في مختلف المجالات، بدءًا من العروض التقديمية والشرح التعليمي وصولًا إلى خدمة العملاء وصناعة الترفيه.
ومع ذلك، تُدرك Synthesia المخاوف المُتعلقة بإمكانية استخدام تقنيتها لإنشاء محتوى مضلل أو مُزيف. لذلك، تُؤكد الشركة على التزامها بضمان الاستخدام المسؤول لمنصتها من خلال اتباع نهج مُتعدد الجوانب يشمل:
- مراجعة العملاء: تخضع جميع الشركات الجديدة لعملية “اعرف عميلك” (KYC) لضمان هويتها ونواياها.
- مبادرات الشفافية: تُشارك Synthesia في ائتلاف “أصالة المحتوى والتحقق منه” لتعزيز الشفافية وكشف المحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
- الالتزام الأخلاقي: تُؤكد Synthesia التزامها بالمعايير الأخلاقية وتُشجع على استخدام تقنيتها بشكل مسؤول لخدمة البشرية.
مع استمرار تطور تقنية Synthesia، نُتوقع أن تُحدث ثورة حقيقية في عالم التفاعلات الرقمية، وتُساهم في خلق تجارب أكثر إنسانية وجاذبية في هذا الفضاء الافتراضي المتنامي.