يتباين رأي الخبراء حول ما إذا كان تراجع التضخم في الولايات المتحدة قد توقف بالفعل، وما يعنيه ذلك بالنسبة إلى السياسة النقدية التي يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، لا يمكن إنكار متانة أساسيات الاقتصاد، مما يشير إلى أن محافظي الاحتياطي الفيدرالي بإمكانهم التحلي بالصبر قبل خفض أسعار الفائدة.
أظهرت بيانات جديدة من مكتب التحليل الاقتصادي أن الإنفاق الشخصي ارتفع بنسبة 0.4% في فبراير بعد التعديل وفقًا للتضخم، متجاوزًا بذلك تقديرات الاقتصاديين التي توقعت زيادة بنسبة 0.1%. كما أظهرت تقارير أخرى تحسن معنويات المستهلكين ووصولها إلى أعلى مستوياتها منذ يوليو 2021، وتراجع مطالبات البطالة الأولية، وانتعاش المبيعات المعلقة للمنازل في فبراير.
تأتي هذه التطورات وسط بعض الخلافات حول توجهات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بشأن فهم تقارير التضخم الأخيرة. حيث أظهرت بيانات يوم الجمعة أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، المقياس المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم، ارتفع بنسبة 0.3% في فبراير بعد زيادة بـ0.4% في الشهر السابق.
تسببت مخاوف حول عرقلة مسار خفض التضخم في إثارة بعض القلق في الأسواق المالية، لكن هناك آراء متباينة بشأن دلالات ذلك. يرى بعض المراقبين أن هذه التحولات طبيعية، بينما يحذر آخرون من أن الأمر قد يكون مؤشرًا على تعثر تراجع التضخم، مما يستدعي إعادة النظر في استراتيجية بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
يُظهر المعسكر المتفائل أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، تعامل بحذر مع البيانات. في مؤتمر صحفي عُقد في 20 مارس، أشار باول إلى أن بيانات التضخم لشهر يناير ربما تأثرت بخلل إحصائي يُعرف بالموسمية الزائدة، وأن بيانات فبراير لم تكن “مرتفعة بشكل رهيب”.
من ناحية أخرى، أبدى محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، قلقه من ضرورة إبقاء سعر الفائدة “عند مستواها الحالي لفترة أطول مما كان يُعتقد” لتحقيق استقرار في مسار التضخم نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%. وأشار أيضًا إلى أن إضافة 275 ألف وظيفة في فبراير قد تكون “علامة على أن الطلب لا يعتدل بالقدر المطلوب لدعم التقدم المستمر في التضخم”.
بدا التباين بين تصريحات باول ووالر في البداية واضحًا، لكنهما اتفقا بشكل عام على أن الاقتصاد قوي بما يكفي لتحمل أسعار الفائدة الأعلى في الوقت الحالي، وأنه يجب الانتظار ومراقبة الوضع.
أميل إلى تأييد تفسير باول للبيانات، وأعتقد أن الأمور ستعود إلى مسارها الطبيعي في غضون شهر أو شهرين. ومع ذلك، لا ينبغي التسرع في الاستنتاجات، ولن يصبح الوضع حساسًا إلا إذا ظل التضخم مرتفعًا بشكل مستمر لفترة أطول.
على الرغم من قوة البيانات الحالية، يواجه الاقتصاد الأميركي تحديات عديدة في البيئة الاقتصادية العالمية. الصين متقلبة، والنمو الأوروبي ضعيف، والعديد من البنوك المركزية الأخرى لا تريد خفض أسعار الفائدة قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما يزيد من خطر حدوث اضطرابات اقتصادية عالمية.
لحسن الحظ، تشير البيانات الحالية إلى أن صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي لديهم الوقت الكافي لمراقبة الوضع واتخاذ قرارات حكيمة. وفي هذا السياق، لا يبدو أن هناك فرقًا كبيرًا بين باول ووالر.