مستقبل الإعلانات بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري: تحليل تصريحات مارك زوكربيرغ
صرّح مارك زوكربيرغ مؤخرًا أن الذكاء الاصطناعي سيُغيّر شكل الإعلانات إلى الأبد، مما يطرح تساؤلات حول مصير الوكالات الإعلانية. فهل نحن أمام هيمنة تقنية أم فرصة لإعادة الابتكار؟
في عالم الإعلانات المتغير بسرعة، أثارت تصريحات مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، جدلاً واسعًا حول مستقبل الوكالات الإعلانية التقليدية. هذه التصريحات لم تكن مجرد تحديث تقني عابر، بل أشبه بإعلان رسمي عن دخول عصر جديد في صناعة الإعلانات. فهل نحن على أعتاب تحول جذري في عالم الإعلان أم أمام أزمة صامتة للوكالات التقليدية؟
ما الذي قاله مارك زوكربيرغ بالضبط؟
في مكالمة مع المستثمرين، أوضح زوكربيرغ أن المعلنين سيتمكنون في المستقبل من تحديد هدف العمل والميزانية فقط، بينما سيتولى الذكاء الاصطناعي إنشاء الإعلانات وتخصيصها تلقائيًا للجمهور المستهدف. هذا يعني تقليصًا مباشرًا لدور العنصر البشري في واحدة من أكثر الصناعات إبداعًا في العالم.
ما يقوله زوكربيرغ هو أن المنصات ستصبح مكتفية بذاتها. الذكاء الاصطناعي لن يدير فقط التوزيع، بل أيضًا المحتوى، التحليل، وتخصيص الجمهور. هذا التصور يخلق نوعًا من الهيمنة التقنية، حيث يتحكم النظام بالعملية من الألف إلى الياء، ويترك للمعلنين دورًا محدودًا في صنع القرار الإبداعي.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإبداع البشري؟

بينما يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرة هائلة على تحليل البيانات وتخصيص الإعلانات، يظل الإبداع البشري عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه. فالوكالات الإعلانية تقدم رؤى استراتيجية وحلولًا إبداعية تتجاوز ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي حاليًا.
الوكالات الذكية ستتحول إلى شركاء استراتيجيين، تقدم ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله بسهولة: الفهم الثقافي، بناء الهويات، وربط الرسائل الإعلانية بالسياق العاطفي للمستهلك. ومع ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة قوية تدعم الإبداع البشري بدلاً من استبداله.
هل نواجه فعلاً اختفاء الوكالات الإعلانية؟
ليس بالضرورة. لكن من الواضح أننا أمام منعطف حاسم. الوكالات الإعلانية التي لا تعيد هيكلة خدماتها لتتوافق مع أدوات الذكاء الاصطناعي مهددة بالانقراض. ولم يعد من المقبول أن تكتفي بتقديم “تصاميم جذابة” أو “أفكار حملات مبتكرة” دون فهم شامل لتحليلات الأداء وتخصيص المحتوى حسب البيانات.
كيف يمكن للوكالات الإعلانية التكيف مع هذا التغيير؟
للبقاء في المنافسة، يجب على الوكالات الإعلانية:
- تبني التقنيات الحديثة ودمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها
- التركيز على تقديم خدمات استراتيجية وإبداعية لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقديمها بمفرده
- استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الجمهور، ثم توظيف خبراءها لتفسير النتائج ووضع استراتيجيات مبتكرة
- التخصص في مجالات معينة مثل التسويق عبر المؤثرين أو استراتيجيات العلامة التجارية
الذكاء الاصطناعي: فرصة أم تهديد؟

يعتمد ذلك على زاوية النظر. المعلن الفردي أو الشركات الصغيرة قد ترى فيه فرصة لتقليل التكاليف وتسريع الإنجاز. أما الوكالات الكبرى، فقد تشعر بالتهديد بسبب تراجع الطلب على خدماتها التقليدية. لكن الحقيقة هي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون حليفًا حيويًا، إن أُحسن استخدامه.
هذا التعاون بين “الآلة والعقل” يخلق ميزة تنافسية يصعب نسخها، مما يفتح المجال لنموذج عمل جديد للوكالات الإعلانية.
ماذا يعني هذا لمستقبل المعلنين المستقلين؟
المعلنين الأفراد، خاصة العاملين عبر الإنترنت أو على منصات التجارة الإلكترونية، سيحصلون على قوة لم تكن متاحة لهم من قبل. يستطيعون الآن الوصول إلى أدوات متقدمة للتسويق والتحليل دون الحاجة إلى فريق كامل خلفهم. وهنا يكمن التحدي الجديد: هل سيتعلمون استخدام هذه الأدوات بفعالية؟ أم سيظلون عالقين في أدوات الأمس؟
ما هي التحديات التي قد تواجهها الوكالات الإعلانية؟
من أبرز التحديات التي قد تواجهها الوكالات الإعلانية:
- التكيف مع التكنولوجيا الجديدة: قد يكون من الصعب على بعض الوكالات التكيف مع الأدوات والتقنيات الجديدة
- الحفاظ على القيمة المضافة: يجب على الوكالات إثبات قيمتها من خلال تقديم خدمات لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقديمها
- التنافس مع المنصات التقنية: مع دخول شركات التكنولوجيا الكبرى إلى مجال الإعلانات، يزداد التنافس على العملاء
- المخاوف بشأن الخصوصية: مع استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، تزداد المخاوف بشأن الخصوصية وحماية البيانات الشخصية
المعادلة الجديدة: الإبداع البشري + الذكاء الاصطناعي = الهيمنة الذكية

ما تطرحه تصريحات زوكربيرغ هو فرصة لإعادة تعريف النجاح في عالم الإعلانات. لم تعد الفكرة وحدها تكفي. ولم يعد المال وحده يضمن النتائج. بل أصبح “الذكاء الإعلاني” هو المعيار الحقيقي: أي قدرة المعلن أو الوكالة على الاستفادة من التكنولوجيا دون أن يفقد لمسته الإنسانية.
في هذه المعادلة، من يستطيع أن يجمع بين الحدس الإبداعي والتحليل الرقمي، سيكون هو القائد في مشهد الإعلانات الجديد.
الأسئلة الشائعة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الوكالات الإعلانية تمامًا؟
ليس بالضرورة. بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من العمليات، يظل الإبداع البشري والخبرة الاستراتيجية ضروريين.
هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تقليل التكاليف؟
نعم، يمكن أن يقلل من التكاليف من خلال أتمتة العمليات، لكنه لا يغني عن الحاجة إلى الإبداع البشري.
ما هي المخاوف المتعلقة بالخصوصية؟
تتعلق المخاوف باستخدام البيانات الشخصية في تخصيص الإعلانات، مما يتطلب التزامًا بالقوانين واللوائح.
هل هناك فرص جديدة في مجال الإعلانات؟
نعم، مثل تقديم استشارات استراتيجية، والتركيز على الإبداع، والتخصص في مجالات معينة.
خاتمة: هل ننتظر زوال أم بداية؟
تصريحات مارك زوكربيرغ قد تكون مصدر قلق للبعض، لكنها في الواقع دعوة للاستعداد لمستقبل مختلف. مستقبل يتطلب مهارات جديدة، أدوات مبتكرة، وشراكات بين الإنسان والآلة.
إذا تمسكنا فقط بالطرق القديمة، فقد نجد أنفسنا خارج اللعبة. أما إذا رأينا في هذه “الهيمنة التقنية” فرصة لإعادة التشكيل، فقد نكون على أعتاب عصر إعلاني ذهبي جديد، حيث يتكامل الذكاء الاصطناعي مع الإبداع البشري لإنتاج إعلانات أكثر تخصيصًا وفعالية مع الحفاظ على اللمسة الإنسانية التي تميز الحملات الناجحة.
التغيير قادم لا محالة، والفائزون هم من سيستعدون له اليوم.
مواضيع آخرى
الميكرو-إنفلونسر: لماذا يتربعون على عرش التسويق الرقمي في 2025؟